دعا رئيس مجلس المستشارين، محمد الشيخ بيد الله، يوم الخميس بالرباط، إلى تحفيز البرلمانات، وخصوصا في البلدان المتوسطية، على سن تشريعات تجرم تدمير الموروث الثقافي العالمي، المهدد بالتدمير في ظل تفاقم مساحات الحرب والإرهاب، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وحذر بيد الله، رئيس الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، في افتتاح ندوة دولية حول موضوع: "حماية الموروث الثقافي العالمي المهدد بالتدمير"، من مخاطر تدمير المعالم والممتلكات الثقافية وتزايد عمليات الاتجار غير المشروع فيها، لتمويل العمليات المسلحة.
وذكر بأن راهنية الندوة التي ينظمها البرلمان المغربي بشراكة مع الجمعية البرلمانية المتوسطية، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تنبع من الأوضاع التي تعيشها عدد من بلدان العالم، وخاصة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من نزاعات وحروب تفرز، فضلا عن خسائرها البشرية والمادية، تدميرا ممنهجا للرصيد الحضاري والثقافي للإنسانية.
ودعا بيد الله إلى تكثيف الجهود الدولية لوقف هذا النزيف المتواصل في بلدان مثل سوريا والعراق وليبيا ومالي، وتحفيز البرلمانات على سن تشريعات تجرم تدمير الممتلكات الثقافية وملاءمتها مع المواثيق الدولية.
وشدد رئيس مجلس المستشارين خلال الجلسة التي حضرها رئيس مجلس النواب ، رشيد الطالبي العلمي، أيضا على ضرورة تثمين الأرصدة الثقافية والحضارية كعناصر ينبغي تبنيها ضمن معايير تقويم التنمية المستدامة.
ومن جانبه، طالب المدير العام للمنظمة الإسلامية للثقافة والتربية والعلوم (الإيسيسكو) عبد العزيز عثمان التويجري، المجتمع الدولي بتحرك سريع وجاد لوقف خطر تدمير الممتلكات الثقافية في مناطق النزاع من خلال تدابير تنفيذية تمنع الوصول إلى هذه المواقع التاريخية، ليس فقط من قبل الجماعات الإرهابية بل أيضا القوات النظامية في بعض الدول التي ترتكب هي الأخرى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتدمر الموروث الثقافي الإنساني.
ونبه التويجري إلى أن ما تم تدميره من معالم تاريخية ودور عبادة ومتاحف ومقتنيات ومكتبات زاهرة بالنفائس، في نزاعات معاصرة، خصوصا في بلدان مثل العراق وسوريا ومالي، لم يحدث له مثيل حتى في ظل الحربين العالميتين، معتبرا أن الأمر يتعلق بنمط جديد من الإرهاب يستهدف المعارف والآثار والذاكرة الإنسانية.
وخلص التويجري إلى أن الجهود الرامية إلى وقف تدمير الممتلكات الثقافية ستظل قاصرة ما لم يتم التوصل إلى استتباب الأمن والسلام في المناطق الحاضنة لهذه المعالم.
وتتوزع عروض ومناقشات اللقاء حول ثلاثة محاور تتناول "الموروث الثقافي العالمي: ثروة ثقافية وذاكرة إنسانية مهددة بالتدمير" و "التحرك الدولي في مجال حماية الموروث الثقافي العالمي" و "دور الاتحادات البرلمانية والمنظمات الدولية في حماية وترميم الموروث الثقافي العالمي".
وتأتي هذه الندوة انطلاقا من "الحرص الدائم للمملكة المغربية ولجلالة الملك محمد السادس على الحفاظ على التراث الإنساني والحضاري العالمي، كما تندرج في إطار تفاعل البرلمان المغربي مع قرارات وتوصيات الأمم المتحدة، والاتحاد البرلماني الدولي، لاسيما قرار مجلس الأمن رقم 2199/2015 بخصوص التحرك المشترك ضد أعمال التدمير والنهب الذي يتعرض له التراث الثقافي الإنساني في العديد من مناطق العالم، خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي كانت مؤخرا مسرحا لتدمير متعمد ونهب ممنهج للمآثر التاريخية العريقة والممتلكات الثقافية النفيسة والمسجل معظمها ضمن قوائم منظمة اليونسكو المتعلقة بالموروث الثقافي العالمي الإنساني".
وتعرف الندوة التي تتواصل على مدى يومين حضور ممثلي برلمانات الدول الثمانية والعشرين الأعضاء في الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، وممثلي اليونيسكو والإيسيسكو والاتحادات البرلمانية الأوروبية والعربية والإفريقية والإسلامية.
(ومع 14/05/2015)
0 comments:
Post a Comment